السر نحو الإبداع

Article5

جيفري بومجارتنر

إبداع

9

إن السر في التفكير الإبداعي يكمن في تحويل المشكلات إلى تحديات تستحث التفكير. و بعدها، ستقوم الافكار العظيمة بالتوالد وتستمر الحلول بالظهور. 
و تقريبًا، فإن كل فكرة إبداعية هي حل كامن لمشكلة ما. فنظرية النسبية لآينشتاين كانت عبارة عن حل لتناقض بين الكهرومغناطيسية و الفيزياء، أما "ملصقات الملاحظات" فقد كانت نتيجة محاولة للاستفادة من الصمغ قليل اللصق، بينما كانت الرسوم التكعيبية لبيكاسو تتعلق بحل مشكلة تمثيل الأشكال ثلاثية أبعاد في لوحة زيتية ثنائية الأبعاد. وإلخ...
و قبل أن تفكر حتى في توليد الأفكار، أنت بحاجة إلى تحويل مشكلتك إلى تحدٍ. لأنه إذا شرعت في توليد الأفكار لحل المشكلة الخطأ، فقد تحصل على أفكار عظيمة – و لكنها على الأرجح حلول رديئة.
    تتسوق امرأة ذات مهنة حرة و ترى رداءً جميلاً. و تحدث نفسها أنه سيكون الأمثل لحفل استقبال قريب حيث تأمل     في خلق انطباع حسن في نفوس عملاء محتملين. و لكن للأسف، فإن تكلفة الفستان 3000 يورو، بينما يكاد أن يكون حسابها في البنك خاليًا. فتقول لنفسها: " كيف أجني 3000 يورو لأتمكن من ابتياع ذلك الرداء؟" و قد تخطر لها بعض الأفكار الرائعة.
و لكن الحقيقة تكمن في أنه لا علاقة لمشكلتها بالفستان، إذ أن مشكلتها تتمثل في حاجتها إلى تكوين عمل جديد. و إحدى الطرق لعمل ذلك تكون بالحصول على عملاء جدد.  ومن الممكن أن يكون ارتداء فستان باهر لحفل استقبال من إحدى الطرق لحل تلك المشكلة. ولكن توجد حلول غيرها- وأضف إلى أنه من الممكن أن تكون العديد منها فعالة من ناحية التكلفة أكثر من  فستان يكلف  3000 يورو، و بالأخص إن لم يكن في حوزتها الكثير من المال.
و عوضًا من ذلك، عليها ان تسأل نفسها :" كيف أتمكن من الحصول على عملاء جدد لعملي؟"  أو ما هو أفضل من ذلك، " ما هي الطرق التي يمكن أن أطور بها العديد من الأعمال التجارية؟"
و قد يقود السؤال أو التحدي الأخير إلى أفكار مثل عرض منتجات أو خدمات جديدة على العملاء الحاليين، و الرفع من أسعارها، و طلب الإحالات وغيرها من التحركات  التي تركز أكثر على تطوير عملها بينما تعير قليلا من الانتباه على الفساتين الجديدة.
 معظم الناس مثل المرأة المذكورة في القصة أعلاه. فحينما يواجهون المشكلات، يبحثون عن الحلول على الفور، بدلًا من التبصر في المشكلة ذاتها. و يتصرف الأشخاص المبدعون بشكل أفضل من ذلك. فهم يبدؤون عن طريق تفحص المشكلة و من ثم تحويلها إلى تحدٍ إبداعي. 
و إن أفضل طريقة لتحويل المشكلة إلى تحدٍ تكون عن طريق كتابة المشكلة في منتصف الورقة. و الآن، حاول تفكيك المشكلة. و اسأل نفسك " لم تعد هذه مشكلة؟"، و " ما الذي يسبب ذلك؟" ، و " ما الذي خلف ذلك؟"، " و ما هي القضايا الثانية التي على المحك؟" إلخ. و اسأل "لماذا؟" حتى لا تعود قادراً على إجابة نفسك. و قم بكتابة جميع أجوبتك في الورقة. و في هذه المرحلة، فإن جوهر المشكلة إضافة إلى القضايا المرتبطة بها ستكون واضحة. و دعونا نطلق عليها "المشكلة الكبرى".
و تتمثل الخطوة التالية في تحويل المشكلة الكبرى إلى تحدٍ أو مجموعة تحديات أقصر و أكثر بساطة. و غالبًا ما تبدأ التحديات ب:
•  " ما هي الطرق التي يمكنني/نا...؟"
•  " كيف أستطيع/نستطيع أن...؟"
•  " ما هي أنواع...التي من الممكن أن...؟"
ابقِ على تحدياتك بسيطة قدر الإمكان. و ابتعد عن:
•  المعايير التقييدية
فالمعايير التقييدية تحجب الإبداع المطلق. لهذا ابقها خارج التحدي- و لكن استعملها لاحقًا حينما يحين الوقت في تقييم الأفكار.
•  التحديات المبهمة
التحديات على شاكلة " الحاجة إلى المال" لا تكون واضحة بشكل كاف و على الأرجح  تقود إلى أفكار غير واضحة كما يجب. لذلك، اجعل تحدياتك واضحة للكل. و قم بصياغتها مستعينا بالمفردات أعلاه.
و حالما تجد التحدي الخاص بك، ستجد أن أمر توليد الأفكار لحله، سهلًا للغاية. و لكن قبل أن تشرع في عملية العصف الذهني، هناك مجموعة أمور ينبغي عليك وضعها في الحسبان:
قم بتوليد الأفكار أولاً، لا أكثر. و فقط عندما تفرغ من ذلك، عليك أن تفكر في مراجعتها و اتخاذ القرار حول الفكرة (او الأفكار) التي ستنفذها.
و عند توليد الأفكار، سواء مع مجموعة أو على انفراد، امتنع عن الانتقاد أيًا كان. و علاوة على ذلك، إنه لمن الضروري تدوين كل فكرة و لا يهم كم تبدو سخيفة و مستحيلة في نظرك. فالأفكار السخيفة في بعض الأحيان تكون الأكثر إبداعًا و إلهامًا.
و لا تتوقف عند أول فكرة تخطر لك. فمن النادر أن تكون أول فكرة جيدة تخطر في الذهن الأكثر إبداعًا- غالبًا لأنها دائمًا ما تكون الأكثر وضوحًا. لهذا من الأفضل استحداث العديد من الأفكار و بعدها تقرر أيها تختار.
و لهذا، فإن السر في توليد الأفكار العظيمة يكمن في البدء تحدٍ كبير. و بعدها، أنتج، و أنتج ، و أنتج الأفكار.  

هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟

0 من أصل 0 زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة