أرنب يسابق سلحفاة!

23234421

عبير سعد السعدي

الموهبة

13

​علينا إعادة النظر في قصة الأرنب والسلحفاة التي حُفرت في أذهاننا منذ الصغر، وقراءتها من جديد.

 

أرنب وسلحفاة يبدآن سباقاً، يبدو الأرنب مبتسماً وواثقاً بقدراته، أما السلحفاة فتتصبب عرقاً، ويكسو نظراتها عدم الثقة. يبدأ السباق الطويل ذو الطريق المتعرج، يركض الأرنب مسرعاً بكل رشاقة، ويقفز في الهواء بين الحين والآخر، ليقطع مسافة طويلة، ثم يتوقف ناظراً إلى السلحفاة التي لم تقطع الكثير، فيقرر أخذ استراحة قصيرة عند ظل إحدى الأشجار، بينما تكمل السلحفاة طريقها بكل مثابرة، وتطول غفوة الأرنب، وتفوز السلحفاة أخيراً بالسباق.

 

ماذا لو أعدنا قراءة القصة وتحليلها بشكل مختلف؟ فنحن بحاجة لمعرفة ما الذي جعل الأرنب متراخياً؟ وما الذي جعله يتوقف ويستريح حتى فاتته فرصة الفوز؟

 

إليكَ السيناريو المختلف للقصة، أرنبٌ سريع يتسابق مع أرانب مثله، هل تراه سيتراخى معتمداً على سرعته، كما فعل في سباقه مع السلحفاة أم أنه سيستحضر قدراته ومهاراته كافة، ويبذل قصارى جهده؟ حتى لو كان الأرنب مثابراً في سباقه مع السلحفاة، واستمر في متابعة السباق، فهو سيفوز على الأغلب، لكن فوزه سيكون بلا معنى، فهذا سباق يخلو من التحدي والتشويق، وهو لن يخوضه مرة أخرى، وفي أي حالٍ من الأحوال فليس من المنطق والعدل إجراء سباقٍ بين أرنب وسلحفاة، فالمقارنة بحد ذاتها غير عادلة، فنحن نقارن بين قدراتهما ذات الأصل الوراثي والمميز لكل منهما.

 

وهنا لا ينبغي أن يكون بأذهاننا أن من بين طلبتنا من هو بطيء السرعة، فقط اجعل لكل نوع مسار سباق يناسب سرعته. في مدارسنا يُجري المعلمون سباقات تعليمية، يحتوي مسار هذا السباق على الكثير من الأعلام والإشارات (درجات الاختبارات الدورية والفصلية)، والذي من بعض أهدافه تسريع بعض طلبتنا ونقلهم إلى فصول أعلى، وبزمن دراسي أقل، وخط النهاية سيكون في آخر العام الدراسي، وهذا متوافق مع ما تعنيه كلمة المنهج باللغة اللاتينية بأنه مضمار السباق.

 

والسؤال التربوي هنا هو.. ماذا لو كان هذا الطالب يعرف ضمناً ومنذ البداية أنه سيفوز بهذا السباق؟ عندها فإن السباق لن يكون بالمستوى الذي يرضيه ويحقق لديه الطموح والتحدي (هنا يظهر الملل والفتور في الفصول الدراسية)، إذن لا بد لنا أن نخطط للعام المقبل عند نهاية العام الدراسي. (Baska.2019)

 

وسنركز في هذا المقال على عدة نقاط، كي نضمن أن نكون في منطقة محايدة وآمنة بين مؤيدي ومعارضي التسريع.

 

 من أهم النقاط الواجب مراعاتها:

 

1- الجانب الأكاديمي والذهني (وجود اختبار يقيس المحتوى المعرفي، والمهارات المطلوبة، بحيث نضمن قدر الإمكان عدم تكون فجوة معرفية). (الجغيمان، 2018)

 

2- وضع المدرسة (توفير الجانب الإرشادي لضمان التكيف الاجتماعي للطالب المسرّع مع طلاب الصف المُسرع إليه، وتقديم الدعم من قبل المعلمين في المواد الدراسية، وإشراكه في أنشطة اجتماعية). (جروان ودودين، 2012؛ الجغيمان، 2018)

 

3- كذلك يُوصى بعمل اختبار يقيس المشكلات التكيفية للطالب الموهوب، أو سلوكه التكيفي (علاقته مع معلميه وأقرانه).

 

وأخيراً.. كمعلم أو معلمة موهوبين لا بد أن يكون واضحاً لدي كيف يبدو الوضع عند الطالب الموهوب محل الدراسة؟ فلربما يكون لديه تطور معرفي وذهني متقدم، ونمو عاطفي وانفعالي متقدم كذلك، إذ المعلوم أن هذين الجانبين قد ينموان بشكل متساوٍ أو قد يسبق أحدهما الآخر، مما يسبب لنا كمعلمين وأولياء أمور بعض الإرباك، أضف إلى ذلك أن حساسية الموهوبين العالية تجاه المتغيرات التي تحيط بهم، تزيد من التحديات التي لا بد لها من الاستعداد بأخذ الاحتياطات المبكرة قبل اتخاذ قرار التسريع، وتحديد نوع التسريع الملائم لهؤلاء الموهوبين (الجغيمان، 2018).

هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟

0 من أصل 0 زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة