رحلة الاختراع

No Image

أ.د. سهام العيسى

إبداع

8

                                                                                   

                             

هل حلمت يوماً بأن تكون مخترعاً؟ وهل كانت هذه الفكرة عابرة تلاشت مع صخب الأيام، أم أنك توقفت وتساءلت لماذا لا أحقق هذا الحلم؟ وما الذي يجعله مستحيلاً؟ وهل هناك شيء مستحيل مع سلاح العلم والجد والمثابرة؟
 
هناك مدرستان رغم اختلاف منهجيتهما ولكنهما يحققان نفس الهدف؛ الأولى تتبنى نظرية أن المخترع يجب أن يمتلك العلم والحدس والمنهجية العلمية السليمة منذ البداية، وأحد روادها هنري بوانكري أحد عباقرة الرياضيات في القرن العشرين، ومن مقولاته المشهورة: إن الحدس عند العالم هو أساس الاكتشاف.. والمدرسة الثانية تربط الاختراعات بحاجة المجتمع، على أن يوفر المجتمع للمخترع الحوافز والقيم الملائمة للاختراع.
 
ولكن هل العبقرية وحدها تكفي لتكون مخترعاً؟..
 
العبقرية تمنحك الإلهام، الفكرة، الحلول ولكنها لا تكفي من دون العمل الجاد وتحقيق ذلك على أرض الواقع، قد تصبح العبقرية مجرد سراب وخيال وفكرة تتبعثر وتتلاشى مع الأيام لتشرق فكرة أخرى؛ فالعبقرية الحقيقية هي 1 في المائة إلهام و99 في المائة عمل جاد وطموح حقيقي لتحقيق الهدف.
 
وتلعب الصدفة في بعض الأحيان دوراً مهماً في الاختراعات، ولكن لمن يستحقها؛ فكثير من الصدف مرَّت من دون أن يستفاد منها، فاكتشاف البنسلين، وفرن المايكروويف، والأشعة السينية، والبطاطس المقرمشة.. وغيرها، كلها حدثت بالصدفة، ولكن الإلهام والطموح ساعد على إظهارها للعالم، وبين 30 و50 في المائة من الاكتشافات العلمية تحصل عن طريق الخطأ أو الصدفة.
 
خطواتك كمخترع تبدأ من إلهامك ببزوغ الفكرة وتحديدك لها، ثم تنتقل للمرحلة الثانية، وهي السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن تسأله لنفسك: كيف سأحقق حلمي؟ هل سأستمر برحلة الخيال وأستلم جائزة الإبداع ضمن عروض أحلام الصباح والمساء أم أحوِّلها إلى واقع حقيقي يبدأ كخطوة ثانية بقراءة مكثفة حول كل ما يمتّ بالصلة للموضوع؟..
 
وأما الخطوة الثالثة فهي وضعي الحلول للمشكلة المطروحة؛ هذه المرحلة تمتاز بالعمل الجاد وتحيّن الفرص والصبر، فقد يكون فشل التجربة محبطاً للكثيرين، ولكن الحقيقة هي بوابة النجاح لأفكار وحلول جديدة، وتوماس أديسون يعد هو المثل الأعلى بهذا المجال، في المرحلة النهائية والأخيرة تقويم المشكلة والحل ومن ثم تعمم ويتوّج حلمك على أرض الواقع.
 
ولكن هل تعتقد أن الاختراع ضروري أن تكون له حاجة.. وكما يقال "الحاجة أم الاختراع"؟ 
 
لا ليس ضرورياً، فهناك بعض الاختراعات وهي كثيرة، وعلى سبيل المثال اختراع علبة ريدي للقشدة المخفوقة Reeding –Wip التي أصبحت أيقونة للاستهلاك، مخترعها هو آرون لاين (1924- 1999م) لم توضع صورته في سجل وفاته بل صورة العلامة التجارية الحمراء والبيضاء لعلبة القشدة المخفوقة. 
 
رحلة الاختراع تبدأ منك من داخلك، بادرة صغيرة تنمو وأنت من يحدد هل ستسمر وترى أرض الواقع أم تبقى حلماً يقيد طموحه التسويف والعجز؟
أنت من يصنع التغيير، انظر حولك لنماذج نفتخر بها من أبنائنا المخترعين، لا تحلم ولا تقارن، ولكن قرر أن تكون أنت واحداً منهم.
 

هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟

0 من أصل 0 زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة