نسخة تجريبية. للعودة إلى الموقع السابق، اضغط هنا
غادة سليمان الحويطي
ابتكار
13
جاء في مقولة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ما نصه: "إن الاهتمام بالعلم والابتكار، والتطوير التقني، وتطوير الكفاءات البشرية، يمثل ركيزة مهمة للتنمية المستدامة". ويظهر في هذه المقولة تأكيد وعمق إيمان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بما سيحظى به أجيال المستقبل، من خلال رعايتهم ضمن أفضل نظام تعليمي في العالم، واستثماره برعاية الطلبة الموهوبين وإطلاق مواهبهم وقدراتهم لخدمة الوطن، عبر إكسابهم مهارات القرن الثاني والعشرين، وتسليحهم بعلوم المستقبل المتقدّمة، وترسيخ الهوية الوطنية لديهم، وتبني أفضل وسائل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لبناء الحضارة الإنسانية، ومواجهة تحديات العصر في تقديم استراتيجيات مُبتكرة لتصميم تعليم الموهوبين. إن تصميم التعليم الابتكاري القادر على التوظيف الأمثل لطاقات الموهوب وإمكاناته البشرية والمادية لتحقيق رؤيته بتميُز، يمكن وبكل ثقة أن يعمل على إحداث التحسين المستمر للعمليات القيادية، والفنية، والإشرافية، والإنسانية للفرد.
يُعد التعليم الابتكاري عملية بناءة اجتماعية تُركز على المتعلم، بحيث يدعم المتعلمين أن يكونوا نشطين في بيئة داعمة مُحفزة للإبداع والابتكار، تسعى لمساعدتهم على الانخراط في أنشطة حل المشاكل الأصيلة والقابلة للتوجيه (براندون، 2004)، وتشمل هذه الكفاءات الاستعداد للتعلم والتواصل مع المتعلمين من خلفيات مختلفة وفق مصادر تعلم مفتوحة.
تعد أبحاث بعض الأكاديميين أمثال "بول تورانس" Paul Torrance " مرجعاً مهماً في فهم ماهية الإبداع وآلياته وتطوره عند الأفراد من جميع الأعمار، وقد صمّم تورانس اختباراً خاصاً لقياس مستوى التفكير الإبداعي Torrance Tests of Creative Thinking (TTCT) يتم استخدامه بشكل واسع في الولايات المتحدة، وقد ترجم هذا الاختبار إلى أكثر من 30 لغة. وقد حث تورانس في كتاباته على أهمية إدماج التدريب على تقنيات التفكير الإبداعي في البرامج التربوية بناءً على أسس علمية تهتم بدعم نقاط القوة الفرديّة لدى كلّ متعلم، بدلاً من محاولة تصويب نقاط ضعفه، إذ يؤمن تورانس أنّ لكل فرد شخصيته الفريدة التي يجب احترام قدراتها والوثوق في إمكاناتها وإعطائها فرصة النجاح ولو تعرّضت للفشل أثناء المحاولات، وهذا ما يُركز عليه مُعظم الباحثين في تمكين التغيير لبناء الثقة الإبداعية لدى المتعلمين.
من جهة أخرى، يرى البروفيسور دايفيد هوجس" David Hughes "، مؤسس معامل القرار" Decision Labs”، أنّ الابتكار أصبح مهارة أساسية تؤثر بشكل غير مباشر في الاقتصاد العالمي، وأنّه من المؤسف أن تفتقر الأنظمة التعليمية التقليدية إلى تصور علمي قابل للتطبيق داخل الفصول الدراسية، يجعل من الإبداع والابتكار معياراً مهماً في سيرورة التعليم. وبالنظر في هذه الأبحاث والمعطيات، نجدد أنها تدفعنا إلى الاستنتاج أننا بتنا بحاجة إلى تطبيق استراتيجيات جديدة تركز على تعليم المتعلمين من الموهوبين وغيرهم الأساسيات الابتكارية، مع الإدراج المرحلي لمناهج دراسية يتم تكييفها عبر استراتيجيات تعليم مبتكرة، تجعل من الفصل مكاناً لاستلهام الأفكار، وإثارة التفكير الإبداعي. هنا تبدأ مهمة المعلم المبتكر والقادر على تعزيز ثقافة الابتكار في تصميم التعليم عبر تحويل الحصة الدراسية العادية إلى حصة مبتكِرة ومُتعلِمة، ويكون ذلك من خلال ابتكار أفكار واستراتيجيات تعليم الموهوبين (تصميم التعليم الابتكاري).
وهكذا، نجد أن أهم أدوار المعلم المبتكر، اختيار الأدوات المناسبة والفعالة في توصيل رسالته، بناءً على طبيعة الموقف التعليمي والبيئة الصفية، واستكشاف السمات الابتكارية للموهوبين والعناية بهم، إلى جانب دوره في غرس القيم والأخلاق والثوابت، باعتبار أن الإبداع والابتكار هو التزام مجتمعي في المقام الأول.
ولا شك أن المفتاح الرئيسي لتصميم التعليم الابتكاري هو إيجاد أنموذج لمعلم مُبتكر يكون قادراً على رفع الكفاءة الكمية والنوعية في تعلم الموهوبين وتأهيلهم للتنافسية العالمية.
هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟
زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة