نسخة تجريبية. للعودة إلى الموقع السابق، اضغط هنا
البراء آل عثمان - طالب دكتوراه حاصل على براءة إختراع
إبداع
14
الأفكار عبارة عن طيور محلقة في السماء، يراها كل من حولنا، ولكن هناك من يكون جاهزاً لاصطيادها، وهناك من يكون عابراً في هموم وتحديات حياته، فلا يلقي لها بالاً. إن من يقف ويتأمل أفكاره يعد مبدعاً.. وهكذا هم بعض المبدعين، تأتي إلى مخيلاتهم فكرة، فيقومون بتطويرها والتحليق بها نحو سماء النجاح.
كي أختصر عليك الوقت، سأخبرك بأسلوبي في تطوير أفكاري، وهو خلاصة 20 سنة من حياتي في عالم الابتكار، سجلت خلالها -ولله الحمد- أربع براءات اختراع أمريكية، وأربعة مؤلفات، وما زلت حتى يومي هذا أحصل على قوتي منها، مواصلاً تطوير أفكار أخرى.. والآن حتى تطور فكرتك، يجب أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون، لكن.. من هم الآخرون؟
"الآخرون" هم من حولك في نفس تخصصك وفي نفس مجالك، فعندما تجد مشكلة ما وتطور لها حلاً، ما عليك إلا أن ترى أين وصل العالم في هذا المجال وفي نفس التخصص لحل هذه المشكلة، فلو قلنا -مثلاً- إنك اخترعت جهازاً جديداً لقفل الأبواب بشكل مختلف، فعليك أولاً أن تقوم بإحصاء جميع أنواع طرق إقفال الأبواب في العالم.
بعد ذلك يجب أن تحدد أفضل 10 أقفال منتشرة، وتقارن بين القفل الجديد الذي اخترعته والأقفال الحالية، وبكل تأكيد ستجد مزايا في الأقفال الأخرى غير موجودة لديك، عندها إذن سوف تقوم بتطوير أفكار أخرى وطرق لإضافتها إلى فكرتك الأصلية، ولقد فعلت هذه الطريقة مراراً، وأؤكد لك أنها الأفضل في تطوير الأفكار، وإلى جانب ذلك كنت أقوم بإضافة تخصصات أخرى مثل الإلكترونيات والفنون لتطوير فكرتي؛ لذا يجب عليك استشارة أشخاص في غير تخصصك لإضافة وتطوير فكرتك بشكل مختلف.
نقطة أخرى مهمة تتعلق بتطبيق الاختراعات في السوق السعودي، وهو أمر في غاية السهولة، والعائق ليس رأس المال أو الناس التي تحطمك كما يدعي 99.99% من الأشخاص، وإنما العائق الأساسي لنجاح الفكرة هو أنت وحدك، إرادتك للنجاح.. "هل تريد أن تنجح أم لا؟"، فإذا كانت الإجابة "نعم"، يأتي السؤال التالي: "هل تعتبر فكرتك اختراعاً حقيقياً؟"؛ بمعنى: هل هي فعلاً اختراع له نفع أم مجرد تسجيل اختراع، ونقول: إن الاختراع أو الابتكار الحقيقي هو الذي يقوم بإيجاد حل لمشكلة حالية، بشكل أكثر جدوى، وسعر أقل من الموجود في السوق الحالي.
فإذا كان ابتكارك الخاص بقفل الباب معقداً بشكل لا يستطيع أن يستخدمه الشخص، أو غالي الثمن، ويوجد في السوق أنواع أخرى أفضل وأرخص من منتجك، فهذا لا يعد اختراعاً، حتى وإن كان فريداً في نوعه.
والسوق السعودي سوق سهل، حتى وإن كان صعباً في شكله الخارجي، فإن الاختراع الحقيقي يفرض نفسه، وهذا مثال على صحة مقولتي:
سيارة الأجرة في السعودية، لنقل إنها اختراع (في الحقيقة هي خدمة، ولكن دعنا نقول إنها اختراع)، كانت موجودة في جميع أنحاء المملكة، ولكن ظهرت تطبيقات جديدة برمجية (أوبر- كريم- تويو- مرسول- ونحوها)، أدت إلى محو هذه الخدمة وانهيارها بالكامل في سوق سيارة الأجرة، ليس في المملكة ولكن في العالم.
إن الاختراع الحقيقي يفرض نفسه في أي مكان وزمان؛ بمعنى: عندما تقدم خدمة حقيقية في شيء ما، إذا كانت فائدتها أعلى قيمة من الموجود في السوق وأقل ثمناً، فإنها حتماً سوف تسيطر.
والآن.. سأطرح عليك هذا السؤال مجدداً، وأدعك لتفكر فيه طويلاً: هل سبق أن رأيت سرباً من الطيور محلقاً وتأملت أحدها؟
هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟
زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة