نشرة أخبار مختلفة!

3232123423423

أ..باسم جفال

ابتكار

14

​​لا تبدأ بعض نشرات الأخبار في وقت محدد، بل في موقف محدد. ما أن تعود إلى البيت وتجلس على طاولة الغداء، أو تجلس لتناول القهوة أو الشاي حتى تبدأ نشرة الأخبار البيتيّة؛ يبدأها أحد الصغار بنشرة لأهم المشكلات التي حدثت في المدرسة، ثم يليه الآخر، حتى أن الصغير ذا السنتين والنصف يحاول أن يبتكر بعض المشكلات أسوة بإخوانه. لست أدري إن كنت الوحيد الذي لديه مثل هذا النوع من نشرات الأخبار أم أنها فرضت وجودها في بيوت أخرى!

 

أخيرًا، وقبل أن تبدأ نشرة الأخبار البيتيّة، صرت أبادر بسؤال الصغار: "ما أفضل شيء حدث معكم اليوم في المدرسة؟"، في بداية الأمر، كانوا يتوقفون طويلاً قبل الإجابة، يبدو أن أدمغتهم لم تعتد التفكير بهذه الطريقة في مثل هذا الموقف. ومع الوقت، تغير الحال فصرنا نسمع بداية بعض الأخبار الجميلة، قبل أن تنهمر أخبار المشكلات.

كنت أتساءل، هل يمكن أن تحتوي نشرة الأخبار مزيدًا من الإيجابية، مثلاً، مشكلات وحلول أو محاولات للوصول إلى حلول من جهة الصغار؟ "أبي، حصة التاريخ مملة، كدت أنام، تحدثت إلى فريق الحلول الإبداعية لإيجاد حل لهذه المشكلة، سنبدأ العمل قريباً؟" 

 

"أبي، مقاعد الفصل مزعجة والكثير من زملائي يشتكون، سنحاول وفريق الحلول الإبداعية أن نفهم المشكلة أكثر ونوجد تصميماً جديداً يجعلنا نشعر بالراحة والسعادة". 

 

كثيرة هي المشكلات التي تواكب الحياة المدرسية، الغياب، التأخر الصباحي، إهمال الواجبات، الكذب، السلوك العدواني، رمي المخلفات أو الأوراق والكتابة على الجدران والمقاعد، السلوك المنافي لآداب المجتمع، وغيرها. هذه مجرد عينة من المشكلات المنتشرة في المدارس بشكل عام، نعم، هناك جهود كبيرة مقدّرة تُبذل لحلها، لكن ماذا لو جعلنا الطلاب ومن خلال منهجية معينة يسهمون في إيجاد حلول إبداعية لهذه المشكلات وغيرها.

 

يخطئ من يظن أن الصغار لا يستطيعون مواجهة المشكلات وإيجاد الحلول الإبداعية لها.

 

بينما كانت الحكومة الأمريكية تعمل جاهدة لتخفيف تكاليف طباعة الورق، وتبحث بشتى السبل عن أفكار إبداعية لذلك، جاء صبي في الرابعة عشرة من عمره اسمه (ميرشانداني) بفكرة بسيطة للغاية، اقترح أن يتم تغيير نوع الخط المستخدم في المراسلات الحكومية من Times New Roman إلى Garamond. حيث اكتُشف أن هذا التغيير البسيط، والذي لا يشكّل إلا فارقاً بسيطاً جداً في شكل الخط كما تشاهدون، سيقلل من استهلاك حبر الطباعة بنسبة 24%. وبالفعل، تم تطبيق الفكرة التي وفرت على الحكومة الأمريكية مبلغ 394 مليون دولار (أي ما يعادل مليار و477 مليون ريال سعودي).

 

يحتاج الصغار إلى ثلاثة أمور أساسية حتى يبتكروا ويوجدوا حلولاً إبداعية للمشكلات التي يرونها حولهم، وهي:

 

- اتباع طريقة التفكير الابتكارية (Innovative Mindset)

 

- وجود أدوات وخطوات واضحة (Process & Tools) 

 

- توفّر بيئة داعمة (Culture/Supporting Environment)

 

إن لبناء القدرة على الابتكار لدى الصغار أثراً كبيراً عليهم وعلى أهليهم ومدارسهم ومجتمعهم ووطنهم. وكمثال على ذلك، نجد أن أهم ما يميز نظام التعليم في سنغافورة وهو أحد أفضل أنظمة التعليم في العالم، أنهم يدربون الصغار على مهارات إيجاد الحلول الإبداعية للمشكلات التي يعيشونها ويرونها حولهم.

كم أنا توّاق لنشرة أخبار أسمع فيها ابني يوماً يقول: "أبي، جاءنا معلم جديد هذا اليوم، يقول إنه سيدربنا على الابتكار، وقال شيئاً غريباً، يقول إن المشكلات قد تكون مفيدة! كيف تكون المشكلات مفيدة يا أبي؟

هل استفدت من المعلومات المقدمة في هذه الصفحة؟

0 من أصل 0 زوار أعجبوا بمحتوى الصفحة